
مقدمة عامة
تواجهُ المجتمع العربي في إسرائيل أزمة حادّة في مجال الصحة النفسية، إذ يعاني من نقصٍ شديد في الكوادر المهنية وفي القدرة على الوصول إلى الخدمات، رغم أنه يشكّل نحو خُمس السكان. يعكس هذا الواقع أحد أعمق الفجوات البنيوية في نظام الصحة الإسرائيلي. وتُظهر المعطيات المستخلصة من الأبحاث الأخيرة صورة مقلقة: فرغم أن المواطنين العرب يشكّلون نحو 21% من سكان الدولة، فإن تمثيلهم في مهن الصحة النفسية لا يتجاوز 1.4% إلى 2.5% من مجمل العاملين المهنيين البارزين في هذا المجال. هذا الفارق لا يُعدّ مجرد رقم إحصائي، بل هو تعبير عن أزمة مركّبة تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة مئات الآلاف من المواطنين.
في ظل التحديات البنيوية في المجتمع العربي، تعمل شبكة “قدرة” على بناء بنية تحتية مجتمعية مستدامة من خلال تنظيم الفيلانتروبيا وتوسيع قاعدة العطاء، باعتماد نهج متعدد المستويات يشمل دعم المبادرات، إنتاج المعرفة، وتطوير أدوات استراتيجية، مع تركيز على ثلاث حصانات مركزية: التشغيلية، النفسية، والشخصية.
ضمن هذا الإطار، أطلقت “قدرة” مجموعة اهتمام حول الحصانة النفسية المجتمعية. جاءت هذه المبادرة كتتويج لعامين من العمل المتواصل في مجال الصحة النفسية، خاصة خلال فترات الطوارئ، حيث دعمت الشبكة مؤسسات ومراكز علاجية عربية من خلال تبرعات مباشرة، وبناء شراكات استراتيجية مع صناديق محلية وعالمية لتعزيز هذا الحقل، استجابةً لفجوات هيكلية عميقة واحتياجات مجتمعية ملحّة.
استجابةً لهذه الاحتياجات المتصاعدة، أُطلقت في أواخر عام 2024 مبادرة مشتركة مع UJA، لتكون مزدوجة وشاملة لرسم خريطة ميدانية تساعد على فهم أفضل للنظام الداعم للصحة النفسية داخل المجتمع العربي، وتضمنت المبادرة مكونين متكاملين:
- مسح وتحليل للكادر المهني في مجال الصحة النفسية، لفهم القدرات والتحديات والاحتياجات التدريبية من خلال استبيان ومقابلات شخصية ومراجعة مواد بحثية.
- مسح واستبيان للجمعيات والمؤسسات العاملة في دعم الصحة النفسية، مع التركيز على تغطيتها الجغرافية، أنواع الخدمات، واستراتيجيات التكيف ما بعد الأزمة. في المرحلة الأولى تركز المسح في منطقة الجليل والشمال.
يشكل هذان الجهدان معًا منظورًا غير مسبوق للواقع الميداني للعاملين في المجال والمؤسسات التي تدعمهم. وقد كشفا عن فجوات منهجية مثل نقص القوى العاملة، وتحديات في التنسيق، والعجز في الموارد، مع تسليط الضوء في الوقت ذاته على المرونة والابتكار والجذور المجتمعية العميقة للجهات الفاعلة القائمة.
يهدف هذا التقرير إلى دمج هذه النتائج لتقديم تحليل شامل للمشهد القائم، بهدف إرشاد الجهات المانحة، وأصحاب الشأن، وصناع السياسات إلى نقاط النفوذ الأساسية اللازمة لبناء نظام صحة نفسية أكثر فعالية وعدالة وتجذرًا ثقافيًا. كما يسرد التقرير أصوات العاملين الميدانيين والمنظمات الفاعلة، ويقدّم خارطة طريق لتدخل مستدام يراعي اللغة والثقافة والموقع الجغرافي للناس.
بهذا، لا يُنظر إلى هذا المشروع كنافذة استجابة للأزمة فحسب، بل كفرصة استراتيجية لإعادة بناء رعاية الصحة النفسية على أساس من الكرامة، والثقة، والتمكين المجتمعي.
1. مسح الموارد البشرية المهنية ومسح منظمات المجتمع المدني الفاعلة في مجال الصحة النفسية:
1.1 مسح الموارد البشرية المهنية:
يُظهر مسح الموارد البشرية المهنية في حقل الصحة النفسية وجود خبرات ميدانية غنية ومهارات متقدمة لدى الأخصائيين النفسيين، المعالجين بالفنون، والعاملين الاجتماعيين، ممّا يجعلهم قوة فاعلة أساسية في بناء استجابات نفسية متجذرة في المجتمع. ومع ذلك، تُواجه هذه الكفاءات تحديات جدية، أبرزها الاحتراق المهني والإنهاك العاطفي الناتجين عن نقص في البنى الداعمة والتطوير المهني المستمر.
من خلال المسح أكد 63% من المشاركين أنهم شاركوا في تدريبات مهنية في مجال الصحة النفسية، إلا أن غالبية هذه التدريبات وُصفت بأنها سطحية، غير متوفرة باللغة العربية، وغير متصلة بالسياق الثقافي والاجتماعي الذي يعمل فيه المهنيون. ويؤدي ذلك إلى فجوة معرفية بين الأدوات المهنية المتاحة وواقع الحقل الميداني.
أعرب العديد منهم عن حاجتهم إلى مسارات تدريبية معتمدة ومبنية على فهم للصدمة النفسية، ومقدمة بالعربية، مع تركيز على مواضيع مثل الحزن، اضطراب ما بعد الصدمة، الرعاية المجتمعية، وصحة الأطفال والمراهقين النفسية.


1.2 مسح منظمات المجتمع المدني الفاعلة في مجال الصحة النفسية:
يكشف تحليل نشاط الجمعيات العاملة في مجال الصحة النفسية في المجتمع العربي عن صورة مركبة. وفقًا لقاعدة بيانات “גיידסטאר” وبناءً على عملية مسح أُجريت عام 2025، من بين 2,016 جمعية في المجتمع العربي، هناك 42 جمعية تنشط بشكل ما في مواضيع تتعلق بالصحة النفسية.
مع ذلك، تُظهر نظرة معمقة أن معظم هذه الجمعيات لا تقدم علاجًا نفسيًا مباشرًا ومهنيًا.
جمعية في المجتمع العربي
جمعية تنشط بشكل ما في مواضيع تتعلق بالصحة النفسية
28 جمعية تقدّم خدمات دعم نفسي عامة لفئات متنوعة مثل: المرضى، الأطفال ذوي صعوبات التعلم، كبار السن، اللاجئين، الشبيبة في حالات الخطر، النساء ضحايا العنف، ذوي الإعاقة، والأيتام. ورغم أن هذه الجمعيات تُشكّل شبكة أمان اجتماعية مهمة، إلا أنها لا تُشكّل بديلًا للعلاج النفسي المهني.
14 جمعية أخرى تقدّم خدمات أكثر مهنية، مثل: العلاج والإرشاد النفسي، التشخيص، البرامج العاطفية والتربوية، إعادة التأهيل النفسي، والعلاج بواسطة الفنون أو الطبيعة. ومع ذلك، غالبًا ما تكون هذه خدمات مرافقة لا تصل إلى مستوى علاج نفسي سريري منظم.
أما المعطى الأكثر إثارة للقلق، فهو أن جمعية واحدة فقط تنشط بشكل صريح في مجال تعزيز الصحة النفسية في المجتمع العربي، وهي أيضًا تعمل في مجال الصحة العامة وليس بالضرورة في تقديم علاج نفسي مباشر. هذا الواقع يعكس نقصًا في القيادة وفي وجود رؤية بعيدة المدى لهذا المجال داخل المجتمع المدني العربي.
لفهم واقع الخدمات النفسية القائمة بشكل أعمق، أجرى طاقم شبكة “قدرة” مسحًا ميدانيًا نوعيًا شمل مقابلات مع 15 جمعية ومؤسسة ناشطة في مجال الصحة النفسية، بالإضافة إلى محاورات مع شخصيات مهنية رائدة من الميدان. منها مؤسسات عربية بالكامل، وأخرى يهودية أو مختلطة تُقدّم خدمات فعالة وملموسة للمجتمع العربي. ركز المسح على مناطق الجليل، حيفا والناصرة، وسعى لتسليط الضوء على طبيعة الخدمات، الفئات المستهدفة، وأدوات التكيف ما بعد الأزمات. أظهرت النتائج أن الجمعيات العاملة في المجتمع العربي تلعب دورًا محوريًا في دعم الصحة النفسية المجتمعية، من خلال تقديم خدمات مرنة ومتكيفة لشرائح متنوعة تشمل الأطفال، النساء، الشباب، كبار السن وذوي الإعاقة. ورغم هذا العمل المهم والنماذج المبتكرة التي طوّرتها هذه الجمعيات، برزت أيضًا فجوات عميقة تدل على أن الاستجابة لا تزال غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة، مما يؤكد الحاجة لتوسيع الدعم، التنسيق، والاستدامة في هذا المجال.
في أعقاب أحداث 7 أكتوبر، قامت العديد من الجمعيات بإنشاء أو توسيع مبادرات استجابة سريعة، شملت:
- خدمات الاستجابة الطارئة – تدخلات سريعة في حالات الصدمة والضغوط الناتجة عن الأزمات.
- جلسات جماعية ودوائر دعم – مخصصة للعائلات، النساء، والأطفال.
- تواصل مجتمعي مباشر – زيارات منزلية ودعم مباشر لكبار السن والأشخاص المعزولين.
- العلاج والإرشاد النفسي عبر الإنترنت – من خلال الزوم، خطوط الطوارئ، أو المنصات الرقمية.
- التثقيف النفسي وزيادة الوعي – عبر مواد إعلامية، حملات، وندوات عبر الإنترنت.
- خدمات دامجة للأشخاص ذوي الإعاقة – برامج مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة ولعائلاتهم.
- بناء القدرات للمهنيين – تدريبات للمعلمين، الأخصائيين الاجتماعيين، ومقدّمي الرعاية.
- استخدام العلاجات الإبداعية كالفن والحركة.
ورغم هذا التفاني والتأثير، إلا أن هناك فجوات عديدة، فمعظم هذه المنظمات تعمل بشكل معزول، في ظل:
- نقص في التنسيق والتعلّم المشترك، تعمل معظم الجهات بشكل مستقل، مع وجود تعاون محدود أو منعدم بين القطاعات المختلفة.
- لا توجد منصة منظّمة لتبادل أفضل الممارسات، أو المواد التدريبية، أو المنهجيات، أو التحديات المشتركة.
- تفتّت الجهود وضعف التنسيق بين الجهات المختلفة يزيد من خطر تكرار الجهود، وتفاوت جودة الخدمات، وضياع فرص للتكامل والعمل المشترك.
نتيجةً لوجود هذه الفجوات، تتعرض فئات مجتمعية مهمشة إلى تهميش إضافي في الاستجابة لخدمات الصحة النفسية، حيث يُركَّز بشكل متكرر على الأطفال، النساء، والأشخاص ذوي الإعاقة، في حين تُهمل فئات أخرى نادرًا ما تُستهدف أو لا تؤخذ بعين الاعتبار على الإطلاق، مثل:
الناجون من العنف
الشباب العاطلون عن العمل أو الرجال المهمَّشون
الأسر، مع غياب التركيز على دور الرجال
هذا التفكك البنيوي يحدّ من إمكانية التنسيق والتوسع، ويُقوّض فرص إحداث تغيير منهجي طويل الأمد في الحقل.
هذه التحديات تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتطوير بيئة تمكينية للمهنيين العرب في الصحة النفسية، تشمل تدريبًا معتمدًا ومتجذرًا ثقافيًا، يشكّل حجر أساس في بناء حقل أكثر استدامة وعدالة.
2. التحديات في مجال الصحة النفسية:
بالاعتماد على تحليل شامل للمعطيات المهنية والتنظيمية والثقافية، يمكن تلخيص التحديات في مجال الصحة النفسية في المجتمع العربي ضمن أربع فئات رئيسية مترابطة، تشمل عناصر بنيوية، تنظيمية، مهنية، وثقافية:
2.1 تحديات بنيوية:
التحدي | المعطيات | الأسباب |
---|---|---|
نقص في الخدمات | فقط 28 من أصل 158 بلدة عربية تحتوي على عيادة نفسية (18%) | التوزيع الجغرافي غير عادل للخدمات |
نقص في الموارد البشرية المهنية |
العرب يشكلون 21% من السكان، لكن: – 1.4% فقط من الأخصائيين النفسيين العلاجيين – 1.9% من الأطباء النفسيين – 2.5% من أطباء نفس الأطفال |
حواجز لغوية، اقتصادية، اجتماعية، ونقص في فرص التأهيل المهني |
فجوة في التمثيل الأكاديمي |
13% من طلاب البكالوريوس في علم النفس عرب، لكن النسبة تهبط إلى 4% في الماجستير |
معيقات في القبول، صعوبات لغوية، تحيّزات ثقافية واقتصادية |
2.2 تحديات تنظيمية:
تجزئة الخدمات:
غياب التنسيق بين الجهات وعدم وجود بيئة تعلم تشاركية
غياب بنية معلوماتية:
لا توجد خريطة خدمات نفسية موحدة، لا توجد قاعدة بيانات أو دليل قطري موحّد
نُظم إحالة غير رسمية:
الاعتماد على علاقات شخصية بدلًا من أنظمة مؤسسية واضحة
انقطاع استمرارية الخدمات
خارج أوقات الطوارئ
نسبة ضئيلة من المبادرات
فقط مستمرة بعد انتهاء الأزمات
2.3 تحديات مهنية:
نقص القوى العاملة المؤهلة والناطقة بالعربية
غياب التدريب المهني المستمر والإشراف التخصصي المنتظم
انعدام مسارات مهنية رسمية باللغة العربية
الاعتماد على أدوات غير ملائمة: ترجمات غير دقيقة، موارد قديمة أو غير مناسبة للسياق الثقافي
2.4 تحديات ثقافية:
1
أفكار مسبقة وصمت اجتماعي حول العلاج النفسي، خاصة بين الرجال والشباب
2
افتقار العائلات للأدوات واللغة اللازمة لدعم أفرادها نفسيًا
3
نقص كبير في المواد التوعوية والمعرفية باللغة العربية:كتيبات وأدلة، أدوات تشخيص، حملات إعلامية ملائمة ثقافيًا
هذه التحديات ليست منفصلة، بل مترابطة وتُعزّز بعضها بعضًا. النقص البنيوي في الموارد يُفاقم غياب التنسيق، والذي بدوره يُضعف الدعم المهني، بينما تؤدي الثقافة السائدة إلى عزوف مجتمعي عن طلب المساعدة، مما يعمّق الأزمة ويعقّد الاستجابة لها.
1. مؤشرات الجاهزية والابتكار:
رغم الفجوات، هناك نقاط ارتكاز واضحة لما يمكن تطويره وتوسيعه:
العاملون في الصحة النفسية عبّروا عن رغبة قوية في تدريبات معتمدة ومُجذّرة ثقافيًا، خاصة في علاج الصدمة والدعم النفسي المجتمعي.
أغلب الجمعيات تُقدّم خدمات متعددة المناطق، عبر مقاربات غير سريرية، مثل العلاج الجماعي والدعم الجماعي.
العديد من الجمعيات تجاوبت بسرعة مع الأزمات الأخيرة رغم ضعف الموارد.
الجميع شدد على أهمية الثقة والملاءمة الثقافية، خاصة في المجتمعات المُهمشة.
2. فرص استراتيجية للتدخل:
للانتقال من التفكك إلى الأثر، ظهرت فرص جاهزة للاستثمار:
- منصة تنسيق قطرية شاملة.
- منصة تعاون مشتركة: تهدف إلى الربط بين العاملين والمؤسسات في مجال الصحة النفسية في المجتمع العربي، لتعزيز التعاون، تبادل المعرفة، وتطوير استجابات محلية فعالة.
- مركز رقمي وميداني للصحة النفسية: مشاركة موارد تدريبية، جمع وتنظيم معلومات حول الجهات الفاعلة، الخدمات، أو الموارد المتوفرة، تبادل المعرفة بين المؤسسات، إبراز الابتكارات المحلية.
- الاستثمار في الكادر المهني العربي: تطوير برامج تدريب معتمدة باللغة العربية في مجالات مثل الصدمات، الفقدان، وعلاج الأطفال مع أخذ الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمع العربي بعين الاعتبار؛ توفير مسارات تدريبية ممولة للمبتدئين ؛ وتوسيع فرص الإشراف المهني والتعلم التشاركي (peer learning) من خلال مجموعات دعم وتعليم مستمرة.
- حملات توعية مجتمعية: لتقليل الوصمة حول الصحة النفسية في المجتمع العربي، من خلال إشراك فئات مؤثرة مثل الشباب، المعلمين، والقيادات الدينية. يشمل ذلك دمج مفاهيم الصحة النفسية في المدارس والمراكز، واستخدام القصص الشخصية والإعلام العربي لنشر الوعي وتشجيع الانفتاح وطلب المساعدة.
- موارد ملائمة ثقافيًا: يشكّل تطوير موارد علاجية ملائمة ثقافيًا خطوة محورية في تحسين جودة الخدمات النفسية، من خلال تحديث الأدلة الإرشادية التي توجه الأطباء، الأخصائيين والمعالجين في تشخيص المشكلات ووضع خطط علاجية مبنية على المعرفة العلمية وأفضل الممارسات. كما يتضمن ذلك تحويل هذه الأدلة من صيغ ورقية تقليدية إلى أدوات رقمية تفاعلية وسهلة الاستخدام، مثل تطبيقات إلكترونية، منصات تعليمية، أو قواعد بيانات متاحة عبر الإنترنت.
3. دور الفيلانتروبيا: من ممول إلى صانع منظومات
هذه لحظة محورية للفيلانتروبيا، لا لدعم برامج قصيرة المدى فقط، بل لبناء البنية التحتية المستدامة للصحة النفسية.
يمكن للدعم الفيلانتروبي أن:
1
يُموّل مسارات مهنية طويلة الأمد
2
يُعزز الجاهزية للأزمات، بما في ذلك الإسعاف النفسي الأولي بالعربية
3
يُنشئ أدوات رقمية (جمع وتنظيم معلومات حول الجهات الفاعلة، الخدمات، أو الموارد المتوفرة، توجيه الأشخاص إلى الجهات أو الخدمات المناسبة لاحتياجاتهم عندما لا يكون الدعم متوفّرًا داخل الجهة التي تستقبل الحالة)
4
يُعلي أصوات المبادرات الناشطة من خلال التوثيق، السرد، والدعوة
الخلاصة
كشف هذا التقرير عن واقع الصحة النفسية المتغير في المجتمعات العربية، مسلطًا الضوء على جهود العاملين في الخط الأمامي ودور منظمات المجتمع المدني. يتضح أن الميدان غني بالإخلاص، والمعرفة المحلية، والثقة المجتمعية، لكنه مُنهك من فجوات بنيوية، وقلة الموارد، وانعدام التنسيق.
العاملون يواجهون الإرهاق والعزلة، لكنهم متعطشون للتدريب الملائم ثقافيًا ولشبكات تشاركية. أما الجمعيات، فهي تملأ فراغ النظام الرسمي، وتبني نماذج جديدة للرعاية، متجذرة في اللغة والثقة والتجربة الحياتية.
رغم التحديات، فإن الإمكانيات كبيرة. الاستعداد للتدخلات المنظمة، القابلة للتوسع، والمبنية على المجتمع بات واضحًا. ويمكن للاستثمار الفيلانتروبي المرن وطويل الأمد أن يُحدث تحولًا بنيويًا.
ما يُطرح هنا ليس مجرد نداء وضرورة للتعاون والدعم، بل دعوة للتضامن والشراكة. البنية التحتية تم وضعها. والفاعلون حاضرون. ما نحتاجه الآن هو رؤية مشتركة والموارد لتحقيقها.